المصادر التي ذكرت هذا العالم الشامي قليلة ومتناقضة في إثبات ولادته ووفاته بالشكل المضبوط ,إن مجمل حياته ومسيرته وأثر كتاباته في علوم النبات والجغرافيا الوصفية, والمعلومات التي سنذكرها هي عبارة عن معلومات اختطها عن نفسه , ولقد جاء في موسوعة العلوم الإسلامية والعلماء المسلمين: أنه جغرافي ونباتي سوري يشتهر بمصنفه  (نزهة الأنام في محاسن الشام,)

اسمه: أبو البقاء تقي الدين البدري الدمشقي المصري الوفائي, ولد عام: 810هـ وتوفي عام: 847هـ , ولقد اعتبره جرجي زيدان من علماء الجغرافيا والرحلات في العصر المغولي, والمعروف عنه بشكل عام : أنه عالم نبات, درس في دمشق وحلب وتنقل بين بغداد والقاهرة والقدس ولبنان ومسح بشكل موضوعي كل ما يتعلق بالشام والعراق من اقتصاد وزراعة  وعلوم وثقافة وأحوال اجتماعية وفلكلورية وغيرها, وقد كان أيضا شاعرا وصفيا ممتازا ترك عدة دواوين شعرية لم تطبع بعد,ومن أشهر كتبه( نزهة الأنام في محاسن الشام) وهو كتاب يصف فيه كلا من الشام وفلسطين ولبنان.

تناول ابن البدري في هذا الكتاب مجموعة كبيرة من نباتات وأشجار الشام بشكل عام, ودمشق بشكل خاص, ولكنه, كان مره يصف النبتة وصفا علميا يشفي العليل ,ومرة نراه يذكر هذا النبات وتلك الشجرة أو العشبة بشكل مقتضب لا يفي بما يطلبه الدارس , ولكنه يتناول ماجاء من أشعار ووصف أدبي بطريقة مسهبة وهذا يدل على باعه وذوقه البديع في مزج العلم بالأدب وفي أحيان كثيرة يورد معلومات طبية وعلاجية واسعة عن النباتات التي يذكره في رحلته هذه, ومن النباتات التي أسهب ابن البدري  في وصفها: الورد, فلقد تحدث عن الكثير والكثير من أنواعه, فوصف الجوري, والبنفسج, والمنثور, والسوسن, والزنبق, والبهار, والأقحوان, والآس, و شقائق النعمان, والنيلوفر, والبان ,وتمر الحنا , ونبات الحيلاني: وهو نوع من أنواع الصفصاف, كما تحدث عن السرو.

وخلاصة القول: أن ابن البدري كان رحالة وجغرافيا وباحثا في علم النبات, وأنه حاول أن يلم بكل ما نبت او زرع في أرض الشام من أشجار وشجيرات وأعشاب بشكل سرد موضوعي أحيانا , وأحيانا يلطف جمود الوصف العلمي البحت بذكر الأشعار بشأن تلك الشجرة أو ذلك العشب.

ويعتبر بان البدري من العلماء العرب القلائل الذين ركزوا على وصف النبات وصفا علميا بعيدا عن التركيز بشكل أساسي في مجال فوائد النباتات طبيا وعلاجيا وهذا ما سار عليه معظم العلماء العرب واليونان الذين سبقوه , كما أن الجدير بالذكر بأن ابن البدري ظهر في أحلك فترات التاريخ الإسلامي وهي فترة تسلط فيها المغول بكل شراستهم على العالم العربي, إذ تمكن ابن البدري, في هذا الجو الملبد بالغيوم, وسيف المغول الذي كان مسلطا على رقاب الناس ,أن يكون فاعلا وأن ينتقل من مكان لآخر, وراء البحث عن المتاعب من أجل العلم بمحاولة معرفة كل ما يتعلق بالنباتات وفوائدها الزراعية والاقتصادية والطبية.