عبد الله محمد بن إدريس الحسن الحسيني الأندلسي المعروف بالإدريسي أو الشريف الإدريسي , جغرافي وعالم ورحالة عربي إسلامي, ولد بمدينة سبتة المغربية القريبة من الأراضي الأندلسية سنة 493هـ ,وهو ينحدر من الأدارسة العلويين ولهذا يلقب بالشريف. تلقى العلم بقرطبة في الأندلس ثم رحل إلى صقلية وعاد بعد ذلك إلى سبتة وتوفي فيها سنة 573هـ

تنقل في كثيرمن الأقطار الإسلامية وغيرها؛ للدراسة أو لجمع المعلومات وذلك منذ سن مبكر وقد ازدهر اسمه في بلاط روجر الثاني النورماني, في بالبرمو بجزيرة صقلية التي كانت قد خضعت للعرب فترة من الزمن, ويزعم : بويغس بواغ, أن سيرة الإدريسي لقيت شيئا من الإهمال من قبل المعنيين العرب المسلمين بسبب اعتبارهم الإدريسي مرتد لأنه جعل وليه ملكا غير مسلم (نصراني ) وأحب الإقامة في كنفه مفضلا إياه على منهو أولى منه من المسلمين.

يشتهر الإدريسي بإنجازاته الجغرافية وربطه بالاقتصاد والاجتماع والعوامل الطبيعية كما يشتهر بالطب والحكمة وموضوعات أخرى , ومن أبرز أعماله وصفه للعالم والأرض حيث يشبه الأرض وتعلقها في الفضاء كالمح في البيضة , وذلك في الكتاب : الروجري الذي تم تأليفه عام 1154م, وهو العام الذي توفي فيه روجر, ويحمل عنوان نزهة (المشتاق في اختراق الآفاق) , والذي يعتبر موسوعة جغرافية لذلك العصر عن أقطار آسيا وأفريقيا وأوروبا التي زاره ومنها بريطانيا , وللإدريسي كذلك موسوعة جغرافية أضخم من السابقة بعنوان : (روض الأنس ونزهة الأنفاس)ويعرف هذا الكتاب بعنوان آخر هو: كتاب(الممالك والمسالك), وقد ظلت كتب الإدريسي الجغرافية تحظى بالاهتمام في الشرق والغرب لعدة قرون, وينسب إلى الإدريسي صنع نموذج للكرة الأرضية من الفضة بين عليها مواقع البلاد التي زارها , ولكن آراء أخرى ترجح أن النموذج الفضي الذي صنعه الإدريسي هو نصف كرة سماوية فلكية عليها مواقع المجموعات (الكوكبات النجمية ) وأهداه ا لروجر الثاني, وفي كتاب نزهة المشتاق أشار الإدريسي نفسه إلى دائرة ضخمة من الفضة صنعت بأمر روجر.

أما في مجال علم النباتات الدوائية فقد ألف الإدريسي عددا من الكتب لعل أشهرها : كتاب (الجامع لصفات أشتات النباتات) وقد ضمن معطيات ومعلومات لم تكن متوفرة من قبل في علم النبات منذ أيام الإغريق خاصة النباتات الطبية واستخداماتها وكان قد أشار إلى هذه الثغرة التي ملأها بعمله هذا تسهيلا وعونا لممارسي الطب في ذلك الوقت , كما ضمنها ذكر أنواع المفردات من الأشجار والثمار والحشائش والأزهار والحيوانات والمعادن, ويوجد من هذا الكتاب نسخة في درا الكتب المصرية, وفي مكتبة الفاتح بأسطنبول.  ولقد أعطى لكل نبات في موسوعته أسماءه في اللغات الأجنبية وهي:  اليونانية والهندية والفارسية واللاتينية , والبربرية والسريانية , ومن المجالات الأخرى التي عالجها لإدريسي,علم الحيوان ولكن لا تتوفر معلومات عن انجازاته في هذا المجال.  وعاد الإدريسي إلى مسقط رأسه سبتة, بعد وفاة روجر الثاني, وظل في وطنه حتى آخر أيامه, وجدير بالذكر أن كتاب نزهة المشتاق طبع بالأحرف العربية في أوروبا ( في روما بمطبعة أل مديتشي) عام 1592م, وذلك بعنوان: (نزهة المشتاق في ذكر الأمطارأوالأقطار والبلدان والجزر والمدائن والأفاق) وذلك نقلا عن رواية موجزة جدا عملت في في نابلس بفلسطين عام 1538م, وأصلها محفوظ في باريس.

ومن الأمانة والشرف العلميين الذين كان يتمع بهما علماء المسلمين أنهم لم يهملوا أو ينقصوا من العلماء الذين سبقوهم, فأشار الإدريسي في كتابه أنه اطلع على ماجاء في كتب علماء العرب واليونان في النبات لهذا رأى أن من واجبه العلمي أن يعمل في كتابه على تجنب ما شابه الكتب السابقة من خلط وتشويه وتقصير وأنه اتخذ سبيله إلى تحقيق ذلك بذكر أسماء النبات باللغات المختلفة, ولقد وصف مزايا النبات بشكل علمي, وكان لا ينسى أبدا إذا ما ذكر نباتا, أن يذكر نوعه وصفاته العامة وفوائده الإقتصادية أو الطبية.

 إن الإدريسي أحد العلماء القلائل الذين جمعوا بين علوم الجغرافيا وعلوم النبات وهما علمان مرتبطان ببعضهما في نواحي عديدة, وكان الإدريسي مستقلا في كتاباته ففيما يخص النبات, فإنه لا يرتب في شيء باسم العلامة النباتي اليوناني ثبوفراسطي, كما هو الحال عند بعض علماء النبات الآخرين أو بكتاب النبات المنسوب لأرسطو, وتتم أوصافه النباتية على معرفة شخصية خاصة وواسعة المدى, وهو يجتهد على الأخص في ذكر الأسماء المطابقة للنباتات في لغات مختلفة. 

ومن أهم كتب الإدريسي أيضا: كتاب يسمى (الصيدلة) مبدوء بمقدمة عامة تتسم بطابع البحث عن النباتات وكشف عنه أخير في مخطوط بمكتبة اسطنبول, لكنه لم يشتمل للأسف إلا على النصف الأول من الكتاب.

لقد وصف الإدريسي الكثير من النباتات والحيوانات في كتابه الذائع الصيت : (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) فعندما نزل مدينة البصرة (بالمغرب, وليست بصرة العراق) ذكر أن بها غلات كثيرة وأكثر غلاتها: القطن والقمح وسائر الحبوب, وفي مدينة شنت مارية الأندلسية ذكر ما تشتهر بها من أعناب وتين, كما ذكر أن مدينة قورية بالأندلس تشتهر بأصناف مختلفة من الفواكه أهمها الكروم, وشجر التين أيضا, كما تحدث الإدريسي عن الحوت.