فلكي وفيزيائي إسلامي توفي عام 1320م, من الأعلام المسلمين لا سيما في علم المناظر الذي عني بدراسته عناية كبيرة وكان قد درس كتاب إقليدس في المناظر واستوعب ما فيه, وقد تتلمذ على قطب الدين الشيرازي, ولقد اهتم الفارسي بوجه خاص بكيفية إدراك صور المبصرات بطريقة الإنعطاف, ولما لم يجد ضالته في كتاب إقليدء في المناظر , نظر في كتب الفلسفة حيث ألفى في بعضها أقوالا في الانعطاف لم يرتح إليها ولم يقتنع بها, فلجأ إلى أستاذه الشيرازي يسأله الرأي والمشورة, ولقد أصاب فيما فعل, حيث أن الشيرازي تذكر حينئذ أنه كان قد رأى في صباه كتابا في المناظر لابن الهيثم يقع في مجلدين كبيرين مكتوبين بخط ابن الهيثم نفسه,وقد تمكن الشيرازي من الحصول عليه من إحدى خزائن الكتب بفارس واستدعى الفارسي لديه وأعطاه إياه, وكان الحسن قد ألفه وكتبه قبل ما يقرب من ثلاثة قرون من الزمن, وهذا يدل على أن مفهوم الانعطاف لم يكن واضحا في كتب الحكمة على عصر الفارسي باالرغم من تناول ابن الهيثم لها من زمن بعيد الأمر الذي يؤكد أن أعمال الحسن في علم المناظر لم تلق ما هي أهل له من الدراسة في الدولة العربية, بينما وجدت ااترجمات اللاتينية لكتاب ابن الهيثم طريقها إلى الغرب الذي أفاد منها كثيرا, ومصداق قولنا أننا إذا نظرنا في كتب الفلسفة العربية التي ظهرت بعد عصر ابن الهيثم لا نكاد نجد فيها أثرا لنظرية ابن الهيثم في الإبصار , تلك النظرية التي قلبت مفهوم الإغريق في الإبصار رأسا على عقب, كذلك فإن نظرة إلى كتب الطب والتشريح التي كتبت بعد وفاة ابن الهيثم تبين لنا خلو هذه الكتب من الإشارة إلى فكر ابن الهيثم في تركيب العين وتشريحها.

وعندما تسلم كمال الدين الفارسي كتاب المناظر للحسن بن الهيثم, وجد فيه برد اليقين مع مالم يحصه من الفوائد واللطائف والغرائب مستندة إلى تجارب صحيحة واعتبارات محررة بآلات هندسية و قياسات مؤلفة من مقدمات صادقة, ولقد عز على الفارسي أن يرى عملا جليلا كالمناظر وقد أصابه النسيان فأراد أن يجلو هذه الجوهرة ليعيد إليها بريقها, ففكر  في تنقيحه وتعديله حتى يسهل على الدارس استيعابه, ولما أشفق على نفسه من الإضطلاع بهذا العمل طلب من أستاذه الشيرازي القيام بذلك , إلا أن الأخير اعتذر لانشغاله بأعمال أخرى, ومن هنا لم يكن للفارسي مناص من التصدي لهذا العمل الكبير,وقد أتمه وأسماه (تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر) وقد أورد في خاتمته بحوثه هو في مجال الانعطاف لعله قصد بها استكمال أقوال الحسن بن الهيثم فيما جاء في المناظر عن الأمر, كما أن الفارسي قد ذيل التنقيح بدراسة لقوس قزح وللهالة, كذلك عرض الفارسي لكيفية تولد الألوان, هذا ولم يكتف كمال الدين بتحرير كتاب ابن الهيثم وإنما عارضه في بعض آرائه وأضاف إضافات قيمة إلى علم الضوء, هذا وقد اهتم الفارسي اهتماما كبيرا بتعليل الهالة, وكذلك قدم نظرية له في الأثر المعروف بقوس قزح, ووضع فيه نظرية , سعى فيها إلى تعليل الهيئة التي يظهر عليها هذا الأثر في السماء, وإما على صورة قوس واحد أو على هيئة قوسين متحدي المركز, وهي الهيئة التي أشار إليها من تقدمه من عماء المسلين بكلمة : (تقازيح) كذلك كان الفارسي يهدف من نظريته أيضا تعليل الألوان التي تظهر في التقازيح وترتيبها, وقد أقام الفارسي نظريته في قوس قزح على مباحث الإنعطاف المقرون بالانعكاس الداخلي في كرة مشفة, ولقد كان الاعتقاد السائد قبل الفارسي أن التقازيح ما هي إلا ظاهرة تحدث من امتزاج الضوء بالظلمة وعلى حسب النسبة بينهم تظهر الألوان, فإن زادت نسبة الظلمة الممتزجة بالضوء بدت الحمرة والدكنة, وأما إن غلبت شدة الضوء الظلمة ظهرت الصفرة والزرقة ومن الواضح أن هذا الكلام لا يستند على أساس علمي ومن ثم لا وزن له, وجاء الفارسي ليسجل بوضوح ودقة ارتباط ظاهرة التقازيح بحدوث الإنعطاف, حيث يقول: التقازيح المختلفة متقاربة فيما بين الزرقة والخضرة والصفرة والحمرة والدكنة, تحدث من صورة نير قوي , واردة إلى البصر بالإنعكاس, والإنعطاف أو بما يتركب منهما.

ولقد صدق الفارسي في هذا القول إذ أن الإنعطاف هو بالفعل علة ظهور ما نسميه اليوم بألوان الطيف, وقد بين ذلك اسحق نيوتن في القرن السابع عشر, كذلك يشير الفارسي إلى الألوان الشبيهة بألوان قوس قزح, والتي تظهر في أحوال أخرى خلاف حالة الأثر المعروف.

ولقد صنف كمال الدين الفارسي في الحساب وفي علم العدد وفي علم المناظر.