عاصر موسى بن شاكر زمن الخليفة العباسي المأمون في القرن الثالث الهجري, في بغداد وكان ممن يهتمون بشؤون الفلك في بلاط المأمون, فصار من كبار المنجمين وأصبح من المقربين للمأمون وقد اشتهر ابن شاكر بأزياجه الفلكية كما برز هو وأبناؤه الثلاثة محمد وأحمد والحسن في الرياضيات والهندسة الميكانيكية.

توفي موسى بن شاكر عن سن مبكرة مخلفا أولاده الثلاثة في سن الطفولة, فقام المأمون برعايتهم أحسن رعاية وعلمهم حتى أن الكبير منهم وهو محمد صار له شأن عظيم في السياسة ,فحل محل أبيه عند الخليفة المأمون ولم يكن محمد سياسيا فقط ولكنه كان أيضا رياضيا من الدرجة الأولى واهتم بالأرصاد الجوية والوسائل الميكانيكية. ولقد برز أبناء موسى :في علم الفلك والرياضيات والميكانيكا والهندسة والموسيقى والطب والحكمة وعلم الفلسفة  وكانوا ممن تناهى في طلب العلوم القديمة وبذل فيها الرغائب وأتعبوا فيها نفوسهم, وأنفذوا إلى بلد الروم من أخرجها إليهم فأحضروا النقلة من الأصقاع والأماكن فأظهروا عجائب الحكمة, وكان الغالب عليهم من العلوم: الهندسة والحيل والحراكات, والموسيقى والنجوم وهو الأقل. اهتم بنو موسى في بادئ الأمر بترجمة كتب الفلك والميكانيكا والرياضيات من لغات مختلفة إلى اللغة العربية حتى أن الخليفة المأمون أسند إليهم الإشراف على قسم الترجمة في بيت الحكمة, فصاروا يختارون المترجمين والمواد العلمية التي تلزم ترجمتها, وتنقل محمد في بلاد كثيرة سعيا وراء جمع المخطوطات في جميع فروع المعرفة, وقضى جل وقته في دراسة وتطوير علم الفلك والرياضيات والفلسة وعلم طبقات الجو, وكان اهتمام أحمد هو الوسائل الميكانيكية, وكان محمد يلقب: بحكيم آل موسى, وكان الحسن شديد الاهتمام بالهندسة التي مهر فيها بسليقته, إذ استطاع بعد أن أكمل دراسة الكتب الستة الأولى من أصول إقليدس أن يحل بمفرده مسائل الكتب السبعة الباقية من هذا الصنف, ونال في الهندسة سمعة كبيرة وكان يحل المسائل المستعصية على معاصريه حتى أصبحت له مكانة مرموقة عند المأمون الذي قربه منه واعتبره أحد علمائه الكبار في حقل الهندسة وقد ألف الحسن كتابا في قطع المستديرات بقي مرجعا لعلماء أوروبا في الأشكال الإهليلجية , ولأحمد السبق بين أخويه ومعاصريه في صنع بعض الآلات المتحركة مثل الروافع المبنية على فكرة الفائدة الميكانيكية والتي تستعمل لجر الأثقال أو لرفعها, أو لوزنها, وطور أبناء موسى قانون هيرون لإيجاد مساحة المثلث بمعرفة طول كل من أضلاعه الثلاثة. هذا وقد اكتشف أبناء موسى طريقة جديدة لرسم الشكل الإهليلجي و, ويدين العالم لهم بمقالة في الهندسة في قياس السطوح الكروية والملتوية ومجموعة من المسائل الهندسية وبكتاب في الهندسة ترجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر اسمه: كتاب الأخوة الثلاثة في الهندسة.

وكان المأمون قد أرسل  موسى ابن شاكر في بعثة إلى منطقة سنجار لقياس المسافة التي تقابل درجة واحدة على خط الطول, وهذا ما يؤدي إلى قياس محيط الأرض, وتوصلت البعثة إلى أن محيط الأرض 47,356 كيلو مترا, وهذه النتجية قريبة من الحقيقة التي تساوي 40,000 كيلومتر تقريبا.

ويعزى لبني موسى بن شاكر القول بالجاذبية العمودية بين الأجرام السماوية وهي التي تربط كواكب السماء بعضها ببعض , ويجعل الأجسام تقع على الأرض, ولقد تحدث معظم المؤلفين في تاريخ العلوم عن القيمة العلمية لكتب حيل بني موسى وقد اتضح لديهم أن لهذا الكتاب مكانته التكنولوجية العظيمة التي توضح بعض ما قدمه العقل العربي والإسلامي للعالم من ابتكارات علمية, ولقد اشتغل الثلاثة في علم الحيل إلى جانب شهرتهم في الفلك والرياضيات والهندسة وبالتالي فإنهم قد برهنوا على مقدرة فائقة النظير في حقل التكنولوجيا منذ صدور حضارة المسلمين.

كان أحمد يميل إلى الأعمال التطبيقية والآلات المتحركة وقد بنى مع محمد ساعة نحاسية كبيرة الحجم استفاد منها معاصروه والجدير بالذكر أن نظريات أحمد بن موسى لا زالت تستخدم عند تصميم النافورات الحديثة, ولقد شرح أبناء موسى صعود مياه الفرات والعيون إلى أعلى وكيفية ترشيح مياه الآبار من الجانب, وبينوا كيفية صعود المياه إلى الأماكن العالية بالقلاع ورؤوس المنارات ,طبقوا ذلك على حاجاتهم اليومية وكان علم السوائل عندهم من فروع الحيل, وعلم الحيل هذا هو العلم الذي يختص بالوسائل والتراكيب الميكانيكية وبالأجهزة التي تعمل بضغط الهواء أو بضغط السوائل وهي ما تعرف بصنعة الأواني العجيبة وكان البعض يشيرون إلى مثل هذه الأجهزة بالآلات الروحانية نقلا عن الإغريق, كما قام أبناء موسى ببناء مرصد كبير على طرف جسر بغداد فكانت أرصادهم مرجعا لمن أتى بعدهم من علماء عرب ومسلمين وغيرهم, ولقد قام محمد بن موسى وأخويه بحسابات فاقت ما وصل إليه بطليموس وفلكيوا العصر المروزي, حتى أن البيروني الكبير صرح بعد مرور مائة وخمسين عاما : إني أرى أن بوسع المرء أن يعتمد على ما قام به أبناء موسى من أبحاث.

صنف بنو موسى بن شاكر كتبا كثيرة في حقول عديدة منها: الهندسة والمساحة والحيل والفلك وغيرها, إلا أن الكثير منها قد فقد.